آخر المواضيع

الأربعاء، 28 مايو 2014

نسبة أمراض القلب إلى العين أو المس أو السحر.. منزلق خطير ...

نتيجة مفاهيم خاطئة قد يوقفون علاجهم وتتدهور صحتهم

نسبة أمراض القلب إلى العين أو المس أو السحر.. منزلق خطير!!


من التجني وصف الامراض
 العضويه  بالسحر والمس
 كشماعه نعلق عليها جهلنا
 وعدم  رغبتنا في التداوي
جريدة الرياض - د. خالد النمر - الأربعاء 29 رجب 1435 هـ - 28 مايو 2014م - العدد 16774 , صفحة رقم ( 45) :

 هناك ثلاثة أمور تلتبس كثيرا بأمراض القلب وتختلط هذه المفاهيم على بعض العقلاء من الأصحاء.. فما بالك إذا كان المريض أميّا لم ينل حظا من الثقافة العامة فضلا عن الثقافة الصحية.. بل وكان مرضه مزمنا ويحتاج الى كثير من الجهد والمتابعة!! وهذا الخلط في المفاهيم يحدث في جميع أنحاء العالم وليس في منطقة الشرق الأوسط فقط.. والخطورة هنا تتولد من أن الفهم الخاطئ قد يقود المريض الى حتفه بأسرع مما يتوقع!!لآن الموضوع يتعلق بصحة أهم وأخطر الأعضاء على الإطلاق في الجسم البشري والمسبب الأول للوفيات في جميع أنحاء العالم.. إلا وهو"القلب".

وهذه المواضيع الثلاثة هي العين والسحر والمس!! وقد وجدت بعض المرضى حديثا تأخر علاجهم وتدهورت صحتهم بسبب مفاهيم خاطئة لديهم عن علاج أمراض القلب.. بل الأدهى والأمر ان بعضهم أوقف علاجات القلب بسبب ان احدهم قال ان "فيك عين"؟!.. ولذلك لابد ان نوضح للقارئ الكريم خطورة هذا المنزلق على المدى القصير والبعيد.. وسنعرض لمفاهيم هامة تتعلق بأمراض القلب.
السحر الأسود:
صالح 50 سنة معه سكري وأحس بضيق في صدره.. فنصحه جلساؤه بالذهاب الى شيخ يقرى عليه.. استمر القارئ ثلاثة أيام يقرأ عليه ولم يتحسن ولكنه كان يقول للمريض ان معك "سحر اسود" ويحتاج جلسات كثيرة!!وكل جلسه ب 200 ريال.. حتى أغمي عليه في اليوم الثالث فقال لأبنائه" خذوا ابوكم للمستشفى".. وعندها اتضح ان معه جلطة في القلب لها ثلاثة ايام وكانت حالته حرجة لمدة أسبوع في العناية المركزة بسبب تأخره في العلاج !!
النقاش:
السحر كمفهوم بلا شك موجود في جميع الأديان ومن ضمنها خاتمها وهو ديننا الإسلامي ويكفي إشارة رب العزة له بقوله (ومن شر النفاثات في العقد) ولكن أيضا يجب معرفة ان الغالبية العظمى من الأمراض العضوية في العالم ليست من السحر.. وإنما أمراض لها أسباب من خلق الله وتقديره ومن فضله سبحانه انه جعل لها علاجا ولذلك فإن سيد البشر عليه الصلاة والسلام أمرنا بالتداوي فقال (إن الله تعالى لم ينزل داء إلا أنزل له دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله)وقال سيد المرسلين (عباد الله تداووا ولا تتداووا بحرام).. ولو كان السحر والشعوذة هي الغالب على أمراض البشر لما أمرنا رسولنا عليه الصلاة والسلام بالتداوي؟!.. ولما طلب الطبيب لخاله سعد بن أبي وقاص عليه الصلاة والسلام.. ولما أوصى ذلك الرجل بالعسل.. الخ، وقد أصاب الناس الطاعون في عهد عمر ولم يقل انه من السحر.. بل ان صناعة السحر والشعوذة محاربة في الدين الإسلامي فيكفي ان حد الساحر القتل!! ولذلك يجب معرفة التالي:
- كما خلق الله الأجسام فإنه خلق أمراضها وخلق أدويتها.. وجعل الأمراض العضوية لها سمات وقوانين لا تتغير ولا تتبدل بتغير تلك الأجسام سواء كان المصاب بها برا أو فاجرا، مسلما أو غيره، .. الخ. فقد وضع الله قوانين الصحة في الكون كما وضع قوانين المرض وهي لا تحابي أحدا مهما كانت مكانته وبالتالي فانه يسهل معرفتها وتشخيصها وعلاجها.. ولذلك فانه من التجني وصف الأمراض العضوية بالسحر والمس كشماعة نعلق عليها جهلنا وعدم رغبتنا في التداوي.. ونسبة الأمراض الى السحر والمس فيه كثير من الغيب والظن وقد يكون ذلك الظن راجحا في حال عجز الطب الحديث عن علاج ذلك المرض لأنه لا يتماشى مع قوانين الأمراض المعروفة التي وضعها الله في الكون.. وقد يكون مرجوحا في حال وجود علاج متوفر يقضى على المرض بسرعة مثل ارتفاع الضغط أو ضعف القلب أو جلطاته أو الخفقان بأنواعه المختلفة.. فهذا الفرق بين علم ظني وعلم محكم تتأرجح بينهما صحة الإنسان قليل المعرفة وحياته!!
- يجب على المريض أولا ان يذهب للطبيب للتأكد من وجود المرض العضوي أو النفسي وعلاجه ويجب كذلك على الراقي ان يطلب من كل من يأتيه ان يتأكد من الطبيب أولا ولا يوهم مريض الأمراض العضوية ان حالته سببها المس والسحر.. ولا يستغل حاجة من يعانون من الأمراض المزمنة مثل الروماتيزم والصرع والفصام الذهني.
- بلا شك ان القرآن شفاء.. ويستطيع ان يقرأ الإنسان على نفسه أو يطلب من يرقي له ولكن هذا لا يتعارض مع العلاج بالأدوية والعقاقير فكلاهما سبب والشافي هو الله.. ولا ننسَ أهمية أن يكون الإنسان حريصًا على أن يرقي نفسه وأن يدعو الله تعالى أن يفرج عنه مرضه، وأن يحافظ على أذكاره للوقاية فالمرض من قدر الله والرقية من قدر الله، والعلاج من قدر الله أيضًا ووصية رسوله عليه الصلاة والسلام فيجب ألا يهمل العلاج الكيميائي والتركيز على العلاج الروحي فقط.
- هذا منزلق خطير ان يتم محاربة العلاج الطبي الحديث في أذهان العامة لفائدة مادية لبعض السحرة والمشعوذين وضعاف النفوس الذين يحاربهم كل دين وكل نظام مدني في العالم بكل ما أوتي.
أنا معي عين!!
شخص كبير في السن.. يهمل علاج ضعف قلبه لأنه يظن أنها عين من أحد أقاربه!!
في ثقافتنا الإسلامية العين حق لاشك في ذلك فقد جاء في صحيح مسلم قوله صلى الله عليه وسلم (العين حق)، وفي حديث سهل بن حنيف المشهور قوله صلى الله عليه وسلم للعائن (علام يقتل أحدكم أخاه؟) والإصابة بالعين لها ظروف زمانية ومكانية وأعراض معينة تدل عليها وتشخيص الإصابة بالعين ليس بالتخرص ولا بالتوهم ولكن يدل عليه سياق الأحداث وعدم خضوع الأعراض لقوانين علم الأمراض البشرية وكذلك تحسن المريض على الرقية أو الطرق الأخرى التي أوضحتها السنة المطهرة، وهو في النهاية تشخيص ظني لأنه لا يعلم الغيب إلا الله سبحانه، وهذا الظن بالإصابة بالعين قد يكون راجحا في حال عجز الطب الحديث عن علاج ذلك المرض وقد يكون مرجوحا في حال وجود علاج متوفر ويقضى على المرض بسرعة مثل التهاب الرئة الحاد او يتحكم بالمرض المزمن مثل السكري ومرض ارتفاع الكلسترول المزمن.
الخلاصة:
ان نسبة الأمراض العضوية إلى عين أو مس أو سحر.. منزلق خطير قد يقود الإنسان الجاهل الى حتفه.. فهناك أمراض عضوية بحتة تحتاج الى العلاج والانتظام عليه ولا يمنع من الأخذ بالأسباب والجمع بين الدواء والرقية.. وهناك الكثير من الرقاة الذين ينصحون الناس بالعلاج في المستشفى أولا ثم الرقية ثانيا ولكن هناك الندرة منهم الذين ينصحون بأن يخافوا الله في صحة الناس فقد يقود جهل ذلك الراقي المريض الى حتفه ويكون اسبق إليه من العين أو السحر أو المس الذي يرقي عليه.. وكذلك لا يمكن له ان يشخص الأمراض البشرية من خلال قراءة الكتب والخبرة والاطلاع الثقافي!! ولذلك اقترح ان تتعاون وزارة الصحة مع الشؤون الإسلامية في وضع ضوابط وشروط للرقية الشرعية وتحت مراقبة من الجهتين لمنع ضعاف النفوس والدجالين- وهم ندرة ولله الحمد - من ابتزاز الناس.
وضع الله قوانين الصحه في الكون كما وضع قوانين المرض وهي لاتحابي احدا مهما كانت مكانته

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

المواضيع الجديدة

الكُنَّاشة : آفاق علمية

أوقات الصــــــلاة بمدينة طبرق

تابعنا

sayat.me