آخر المواضيع

الجمعة، 11 يوليو 2014

الغضب... يمكن السيطرة عليه بالهدوء والاتزان والتسامح والتجاهل ...

أطفالنا يمارسونه نتيجة الفشل والإحباط أو استبداد الوالدين أو التدليل والحماية الزائدة


الغضب... يمكن السيطرة عليه بالهدوء والاتزان والتسامح والتجاهل


الأسلوب السلبي للتعبير عن الغضب يكون 
مصحوباً بالانطواء والانسحاب والعزلة
جريدة الرياض - د. علي الزهراني - الجمعة 13 رمضان 1435 هـ - 11 يوليو 2014م - العدد 16818 , صفحة رقم (32) :
    الغضب هو حالة انفعالية يشعر بها كل فرد منا، لذلك يعد من الانفعالات العالمية شأنه في ذلك شأن المخاوف والسعادة والحزن، إذ لا احد بمعزل عن نوبة الغضب إلا أنها تختلف من فرد لآخر من حيث الأسباب والدرجة والنوع.

   ويرى علماء النفس ان الغضب عبارة عن استجابة تدل على التوتر والعداء يثيرها الإحباط وعدم الإنصاف والتحقير والتمييز، ويأخذ التوتر أعراضا عضوية كزيادة في نبضات القلب وضغط الدم والتنفس والتعرق وإفراز السكر في الدم. كل هذه الأمور تحفز الشخص لاتخاذ فعل عدائي تجاه الفعل المثير من اجل خفض التوتر. وقد تعني تفريغ الشحنة العدائية في نهاية نوبة الغضب عند البعض من الناس، إلا أنها تتفاوت بين شخص وآخر من حيث الشدة والاستمرارية والتكرار.
والغضب يظهر في أسلوبين مختلفين احدهما ايجابي والأخر سلبي:
   فالايجابي يسمى بنوبات الغضب حيث يكون فيه الغضب مصحوبا بالصراخ والثورة وإتلاف الممتلكات والضرب والتهديد والتخويف والعدوان. وهذا الأسلوب ينتشر بين الأطفال المنبسطين حيث يتناسى الطفل عند الغضب الواقع المحيط به وينفصل عن المجتمع لبرهة حتى يفرغ جرعة الانفعال، إلا أنه سرعان ما يعود لوضعه ليندم على ما قام به، وقد يبلغ الغيظ مبلغه لدرجة ان الطفل قد يفقد وعيه ويسقط ضحية نوبة صرع تشنجي.
   أما الأسلوب السلبي للتعبير عن الغضب فيكون فيه الغضب مصحوبا بالانطواء والانسحاب والعزلة أو الانزواء وكبت المشاعر والإضراب عن الكلام والطعام. وهذا النوع يكثر بين الأطفال المنطوين.
    وإذا كان النوع الأول يشكل خطورة على الأشخاص المحيطين بالشخص الغاضب، فإن النوع الثاني يشكل خطورة على الطفل نفسه لان الكبت وعدم إظهار الانفعالات المستمر قد يؤدي إلى الانفجار المفاجئ أو الدخول في أحلام اليقظة للبحث عن حلول وهمية وقد تؤدي بالطفل الى هواجس مرضية.
    وللغضب مضاعفات خطيرة على الطفل حيث يسبب الكثير من الأمراض الجسمية والنفسية فضلا على دخوله في حلقة مفرغة من العدوان.

يتطور انفعال الغضب عبر مراحل النمو
تطور الغضب عبر المراحل العمرية المختلفة

يتطور انفعال الغضب عبر مراحل النمو على النحو التالي:
 ففي مرحلة المهد تكون استجابة الغضب عند الأطفال مباشرة وبدائية، وبتقدمهم في العمر تصبح هذه الاستجابة اقل عنفا وأكثر رمزية.
   فالطفل حتى سن 15 شهرا يعبر عن غضبه بالصراخ والبكاء، بينما في سن الثمانية عشر شهرا يعبر الطفل عن غضبه برمي الأشياء أو برمي نفسه على الأرض أو بضرب الأشياء أو ركلها.
   أما في مرحلة الطفولة المبكرة: فيكون الغضب في هذه المرحلة غير محدد يمتاز بالعمومية والعشوائية، متذبذبا وسريع الزوال. وعلى الرغم من ان اللغة في هذه المرحلة تحل محل المظاهر الحركية للتعبير عن الغضب وتصبح سلاحا يستخدمه في أي لحظة حيث نراه يسب ويشتم ويتهكم ويستهزئ إلا انه يلاحظ استمرار بعض مظاهر الصوتية للتعبير عن الغضب بالصراخ والبكاء، أو مظاهر حركية كالرفس والعض وإلقاء نفسه على الأرض، أو مظاهر عدائية كتحطيم الأشياء أو إتلاف الممتلكات.
   وتعد هذه المظاهر طبيعية لأطفال في هذا السن بغض النظر عن الثقافة التي يعيشون فيها،ولا تعد صفة مرضية إلا حينما تكون عنيفة عنفا مفرطا، وتأخذ شكل التكرار حيث نستطيع ان نقول هنا ان هذه أعراض لسوء التكيف وقد تكون علامة خطيرة تنبئ بأعراض المرض النفسي بالكبر.
أما بسن المدرسة فيتميز الغضب بأنه يصبح موجها نحو شخص أو هدف محدد. ففي سن السابعة من العمر مثلا يخف التعبير الحركي عن الغضب وان كان يلاحظ على البعض من الأطفال القليل من الركل والقذف بالحجارة.
   بينما عندما يبلغ الثامنة يقل العدوان الجسمي ويحل محله الجدال اللفظي أو السب أو إظهار عدم الموافقة على السلوك، بمعنى آخر ان الغضب يتحول من إلحاق الأذى بالفرد الى مجرد الرغبة في جرح مشاعره.
    أما بمرحلة المراهقة فالغضب هنا يأخذ شكلا اجتماعيا حيث نراه عند الغضب يخرج من المنزل أو يعبر بألفاظ باطنها التهديد والوعيد وقد يحدث له نكوص الى تعبيرات طفولية كالبكاء مثلا.
أسباب نوبات الغضب :
هناك أسباب عديدة لعل من أهمها:
الفشل والإحباط :
   ويقصد بذلك الفشل في تحقيق أهدافه وإشباع حاجاته الأساسية والثانوية، فهو يثور إذا لم يجد ما يسد جوعه أو عندما لا يشترى له لعبته المفضلة.
استبداد الوالدين :
   يغضب الطفل إذا حرم من شيء اعتاد على الحصول عليه او منع من الاستقلال أو تقييد حريته.
التدليل والحماية الزائدة :
فالتدليل لا يتيح للطفل ان يتعلم ضبط انفعالاته او تحمل مسؤولياته.
كذلك عصبية الأباء واقتداء الأبناء بهم.
أيضا الإهمال :
   ونقصد هنا حرمان الطفل من انتباه الكبار واهتمامهم به وحرمانهم من الحب والعطف والحنان، فلابد ان يكون الطفل محط اهتمام الكبار سواء الوالدين أو المعلمين وغيرهم وان ينصت إليهم إذا تحدثوا تماما مثل الكبار.
اتخاذ الطفل الغضب كوسيلة ضغط لتحقيق مطالبه :
   نحذر هنا الأباء من تعويد الطفل على ذلك بان لا يلبى طلبه الا اذا استخدم العنف لان ذلك يرسل رسائل خاطئة لبقية اخوته بان هذه هي الطريقة المثلى لرضوخ الوالدين لمطالبهم، فلابد ان يكون الوالدان صارمين في هذه النقطة.
أضف لذلك التفكك الأسري والعنف الأسري واضطراب المناخ الأسري كل هذه الأجواء المشحونة بالتوترات الأسرية تجعل الأطفال عصبيي المزاج عنيفي الطبع فعلينا ان نجعل منازلنا نبعا للحنان ونطرد عنها الجفاف العاطفي.
علاج الغضب عند الأطفال :
   لابد ان يؤمن الوالدان ان علاج الغضب ممكن ومتاح للتعامل معه من قبل الوالدين والمرشدين بالمدارس وقد لا نحتاج الأخصائي النفسي إلا في نهاية المطاف عندما يخرج الغضب عن السيطرة ويصبح متكررا وفي تصاعد مستمر.
ومن الأساليب التي يجب إتباعها مع الغضب ما يلي:
الهدوء:
   يرى الكثير من العلماء ان نسبة كبيرة من الغضب يمكن السيطرة عليه إذا نظرنا الى سلوك الطفل بشيء من الهدوء والاتزان والتسامح والتجاهل وبالذات أثناء نوبة الغضب، وهنا على الأباء ان لا يغضبوا أو يعاقبوا الطفل كي لا نزيد التوتر توترا، ثم ان الصراخ في وجه الطفل أو المراهق بهدف إسكاته إنما يعطي نموذجا يقتدي به في علاج المواقف العصبية أو في حالات الإحباط، ولذا علينا ان نكون قدر المستطاع قدوات مضيئة لأبنائنا.
   انأ أعلم أن البعض من الأباء لا يطيقون ان يرفع الأبناء أصواتهم عليهم أو يقوم بعضهم بالبطش بأخوتهم الصغار، وهنا لابد ان اهمس بأذن الأباء والأمهات بأن الكثير من البيوت لديها طفل "شقي" أو "مزعج" أو "عنيف" تأتيه نوبات من الهيجان وبالذات بسن المراهقة فعلينا تحمله حتى يتعدى هذه المرحلة بسلام.
تقليل أسباب الغضب :
    نحاول قدر المستطاع تقليل نوبات الغضب بتوفير الاحتياجات الأساسية أو الثانوية، فمثلا لو كان الطفل يغضب وينفعل عند تأخير الوجبة نحاول ان نعالج هذا الأمر بتوفير الوجبة في الوقت المحدد، أو لو كان هذه الطفل يفضل الهدايا من نوع معين مثل شراء السيارات أو زيارة معارض السيارات فلنحاول قدر المستطاع توفيرها له. المهم إننا نعرف مسببات الغضب ونحاول معالجتها.
المعاملة المتوازنة:
    فلا نفرط في التعنيف ولا نفرط في التدليل لان التطرف في الجهتين يؤدي إلى نتائج غير مقبولة اجتماعيا فالاعتدال هو الحل.
شغل أوقات الطفل بأمور تفيده وتمتص الطاقة التي لديه كالرياضة وبالذات العنيفة منها وهذا ما يعرف بعلم النفس بالتسامي، أي نحول طاقة الطفل العنيف الى شيء يفيده كان يصبح ملاكما أو مصارعا أو ما شابه ذلك.
   نقطة أخيرة لابد ان اشدد عليها ختاما وهي ان لا نشجع الطفل على الانتصار بعد كل حالة غضب لان هذا الأمر يجعله يتمادى في غضبه ويطلب أشياء لا يستطيع الإباء تلبيتها، بل ان هذا الأمر يشجع إخوته الهادئين الى انتهاج نهجه لتلبية احتياجاتهم، نساعده على تخطي غضبه ولكن لا نرضخ لطلباته، نتركه حتى يهدأ ثم نبدأ نتناقش حول مسببات غضبه، المهم إلا نوحي له وللآخرين بأن عنفه هو من يجلب له الحظ السعيد.

على الآباء ألا يغضبوا أو يعاقبوا الطفل كي لا نزيد التوتر توتراً

استجابة تدل على التوتر والعداء

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

المواضيع الجديدة

الكُنَّاشة : آفاق علمية

أوقات الصــــــلاة بمدينة طبرق

تابعنا

sayat.me