الصدفية ليست مجرد مرض جلدي
لا تخلو المجتمعات عامة من الأمراض المزمنة وهذه الأمراض قد تصيب أي عضو من اعضاء الجسم ومن ذلك الجلد. ومن هذه الأمراض المزمنة الصدفية وفي هذا العدد سوف نتطرق إلى هذا الموضوع الهام من حيث الاسباب والأعراض وكذلك العلاج.
مرض الصدفية مرض مزمن تقدر نسبة الاصابة به في الولايات المتحدة الامريكية 2-3% من عامة الشعب وللأسف لا توجد احصائية دقيقة عن نسبة الإصابة بهذا المرض في الوطن العربي عموما والمملكة العربية السعودية خصوصا. يصيب هذا المرض الجلد وقد يمتد إلى الأظافر كذلك إلى فروة الرأس. ولكن مرض الصدفية ليس مرضاً جلدياَ وحسب وانما يتعدى ذلك حيث ان بعض المرضى قد يصابون بمشاكل في المفاصل بسبب هذا المرض ليس ذلك وحسب وانما يتعدى ذلك إلى ان هؤلاء المرضى اكثر عرضة لداء السكري وارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول والأزمات القلبية كذلك. وتجدر الاشارة إلى ان مرض الصدفية ليس بمرض معدي وليس له علاقة بنوعية الغذاء.تكثر نسبة الاصابة بهذا المرض بين الفئة العمرية20- 30و 50-60 سنة ولكن جميع الفئات العمرية معرضة بلا استثناء. ويصيب الذكور والاناث بنسبة متقاربة. ولا يمكن التنبؤ بما يؤول اليه المرض فقد يشفى المريض تماما أو قد تنتكس الحالة بعد التوقف عن العلاج لا قدر الله.
ويظهر مرض الصدفية على الجلد بأشكال متعددة ولكن اكثرها شيوعا هو مرض الصدفية المزمن ويكون على شكل احمرار وقشور فضية اللون ورقيقة مع زيادة في سماكة الجلد وغالبا ما يتركز على المرافق والركب ولكن أي جزء من جلد الانسان معرض لذلك. وقد تكون نسبة انتشاره بسيطة جدا لا يلقي لها الشخص بالا وقد تغطي معظم الجلد. وفي 30-50% من المرضى تتأثر الاظافر ويكون ذلك في شكل حفر على سطح الاظافر مع تغير في لونه وقد تسبب تهالكاً للأظافر بشكل كبير في بعض الاحيان. وفروة الرأس قد تصاب كذلك ويكون ذلك على شكل قشور واحمرار وحكة ولا يسبب ذلك تساقطاً للشعر وانما الذي يسبب التساقط هو الحكة وشد الشعر.
وهناك اشكال اخرى من الصدفية اقل شيوعا ومن ذلك اصابة 80% من الجلد باحمرار مع وجود بعض علامات الصدفية المذكورة اعلاه وهذه الحالة قد يكون التشخيص ليس بالأمر السهل بسبب مشابهته لأمراض جلدية اخرى تظهر على شكل احمرار جلدي. وقد تظهر الصدفية على شكل حبوب لها رؤوس بيضاء (بثور) وهذه قد تكون على كافة الجلد أو في اماكن معينة مثل القدمين أو اليدين أو الاظافر. وفي احيانا اخرى قد تكون الصدفية محصورة في الابطين والمنطقة الخاصة. تجدر الاشارة إلى ان حدوث الصدفية في هذه المناطق لا يشكل أي مرض جنسي وليس بمرض معدٍ بأي حال من الاحوال وفي هذه الحالة وبسبب وجود الرطوبة المستمرة تظهر على شكل احمرار جلدي فقط وبدون قشور. ومن الاشكال المشاهدة في الاطفال بكثرة ظهور الصدفية بحجم صغير مقارب لحجم قطرات المطر وعادة ما تكون بعد التهاب الحلقي ببكتريا ستربتو كوكال. وقد تظهر الصدفية في اثناء الحمل كذلك وسوف نتطرق إلى ذلك لاحقا وقد تكون بأشكال متعددة
يسأل كثير من مرضى الصدفية عن الاسباب لحدوث هذا المرض. وللأسف لا يوجد سبب واحد محدد ولكن هناك مجموعة من الاسباب التي يعتقد انها تلعب دوراً في ذلك. يأتي في مقدمة هذه العوامل العامل الوراثي ومما زاد الأمر تعقيدا انه لا يوجد جين واحد فقط وانما يوجد اكثر من جين يلعب دورا ما في هذا المرض. وقد أوضحت الدراسات انه في حالة اصابة احد افراد الاسرة بالمرض فإن نسبة الاصابة به تزيد ولكن هذا بحد ذاته ليس سبباً كافياً فكثير من اقارب المرضى لا يعانون من أي مشكلة جلدية بالرغم من حملهم للجينات المسؤولة.اذا هناك عوامل اخرى قد تزيد من ذلك ومن هذه استعمال بعض الأدوية مثل ادوية القلب (مقفلات مستقبلات بيتا) ودواء الليثيوم ومضادات الملاريا وتنقيص جرعات الكورتيزون بشكل سريع. ومن العوامل الأخرى كذلك حدوث الالتهابات في الحلق وخصوصا لدى الاطفال لذلك قد تستخدم المضادات الحيوية لعلاج الصدفية في بعض الحالات. ومع تطور العلم اوضحت الدراسات انه وبناء على ذلك تم ايجاد علاجات تعمل على تثبيط الخلايا المناعية المتأثرة. في بعض الخلايا المناعية وأهمها خلايا يوجد خلل.
وينصح مرضى الصدفية بتجنب التدخين وكذلك تجنب تناول الكحول لأن ذلك من العوامل التي تزيد من المشكلة وكذلك ينصح بانقاص الوزن وذلك لثلاثة اسباب اولها لوجود علاقة بين زيادة الوزن وزيادة حدة الصدفية وكذلك لزيادة فعالية الأدوية في التحكم في مرض الصدفية فكثير من العلاج تعمل بشكل افضل كلما قل الوزن. ولا ننسى ان الصدفية وخصوصا في الحالات المتقدمة والشديدة تعتبر عاملا مساعدا لارتفاع ضغط الدم والاصابة بداء السكري والذبحات الصدرية. وبسبب حدوث هذا المرض على الجلد بشكل ظاهر للعيان فقد تكون له تأثيرات نفسية قد تعيق البعض من الانخراط في الحياة الاجتماعية والمهنية.
ولا تؤثر الصدفية على الحمل بشكل عام ولكن بعض الأدوية قد تكون لها تأثير على الجنين لذلك يجب التخطيط للحمل مسبقا واطلاع الطبيب المعالج على أي خطط مستقبلية للحمل لتجنب أي مشاكل على الجنين بسبب الأدوية. قد لوحظ ان بعض الحالات قد تتحسن بشكل ملحوظ اثناء الحمل والبعض الاخر قد تزداد سوءا والبعض الاخر لا تتأثر مطلقا لذلك العمل مع الطبيب المعالج وطبيب النساء والولادة امر ضروري. وتجدر الاشارة إلى ان بعض الحالات المصابة بالصدفية وخصوصا اثناء الحمل قد تتغير نوعية المرض من مرض صدفي جلدي إلى مرض الصدفية ذي البثور (ذو الرؤوس البيضاء) وهذا يستدعي علاجاً بشكل عاجل لتجنب المضاعفات على الأم والجنين ولكن ولله الحمد نسبة حدوث هذا قليلة. وكأي أي مرض مزمن قد يتأثر الجنين بحيث يكون وزنه اقل من الطبيعي ولكن عادة هذا يحدث إلا في الحالات المتقدمة والشديدة وليس في حالات الصدفية البسيطة وهو الغالب ولله الحمد.
وعادة ما يكون التشخيص إكلينيكي عند زيارة المريض وفي احيانا نادرة تعمل عينة من الجلد للتأكد فقط من المرض ولا توجد تحاليل خاصة بالصدفية ولكن تعمل تحاليل للتأكد من مناسبة العلاج للشخص وعدم وجود أي تعارض بين العلاج الموصي به وحالة المريض.
وكما ذكرنا آنفا بسبب زيادة احتمالية حدوث امراض اخرى مع الصدفية وخصوصا الشديدة تعمل تحاليل للتأكد من عدم وجودها وهي داء السكري أو ارتفاع ضغط الدم وارتفاع في مستوى الكوليسترول في الدم. وينصح جميع مرضى الصدفية بالرياضة والحفاظ على غذاء صحي متوازن للتقلقل من حدوث الأمراض المصاحبة للصدفية. إلى وقتنا الحالي لم يتوصل الطب الحديث إلى علاج يقضي على المرض ولكن ولله الحمد والمنة هناك علامات تدل على انه قد يلوح في الافق علاج يقضي على هذا الداء ولكن مما يدعو إلى الراحة ان الطب الحديث توصل إلى علاجات متعددة تمكننا من التحكم في مرض الصدفية المزمن وتجعل التعايش معه اكثر من ذي قبل. وفي المقالتين القادمتين سوف نتطرق إلى الأمراض الاخرى المصاحبة للصدفية بتفصيل اكثر وكذلك إلى نظرة عامة على العلاجات المتوفرة في وقتنا الحالي.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق